الحياة أمل


عجيب أمر هذه الحياة، لا تصفو لأحد ولو كانت هادئة ساكنه مريحة لكانت لخير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم. هي كذلك في ظاهرها مليئة هذه الحياة بالمتغيرات والأحداث والفواجع أو المواجع وربما المسرات والأفراح. ومن خالط الناس وخاض غمار الحياة وجرب شيء من تعرجات الحياة يعرف قيمة كلامي هذا. ومع هذا لست هنا لأجرد واقع ربما يكون معروف عند البعض وإنما لأبث في النفوس تلك الروح التي كان يحملها محمد صلى الله عليه وسلم الرجل الأول في هذه الحياة وما بعدها. وأنى لي أن يصف تلك الهمة والروح السامية العالية الشاهقة التي لا يضاهيها ولا يوازيها شيء ولا حتى يقيسها شيء من مقاييس البشر. لأنه ذو الخلق العظيم والهداية العالية والسمات الكاملة عليه أفضل صلاة وأتم تسليم.

تأملت قبل لحظات كيف صبر يوم أن كسرت ثناياه وشج رأسه، وعندما آذاه أهل الطائف وقبل ذلك قرابته في مكة. ياله من خلق رفيع وصبر كبير….

ثم بعد سنين مكنه الله في الأرض وجعل له الغلبة والعزة والنصرة والتمكين والعلو والسمو والسمعة والرفعة التي يستحقها…. وفي هذه الرحلة العظيمة دروس جسيمه سطرها علمائنا في كتب التاريخ والسير. وليس هنا المقام لذكرها ولكن الذي دعاني لكتابة ما تقدم هي الالتفاتة إلى همته صلى الله عليه وسلم وصبره على الأذى من أجل أهدافه العالية التي جعلتنا اليوم بعد فضل الله ننعم بهذا الدين العظيم.

ونحن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم نلتمس أثره ونسير على منهاجه مهما كانت الأهوال ومهما عاندنا الهوى والشيطان أو عارضات الزمان أو الحساد والحقاد والأنذال وأصحاب النفوس الدنيئة المريضة التي ترى بمنظار صغير للأمور وتبحث عن مصالحها في سبيل مصالح غيرها. حتى وأن حدث ما يعكر المسير ويعيق الطريق ويقطع حبال الرجاء، فهناك أمل بالله ورجاء وصبر وجلد وهمة لا تعرف الدون وطموح جموح وأهداف لا بد وأن نصل إليها مادمنا على الحق وللحق سائرون.

وعلى هذا لا ينبغي أن تعيقنا كلمات المثبطين وأهواء العابثين وأماني الكسالى… ولنشمر عن ساعد الجد ونبذل في سبيل تحقيق أحلامنا طموحاتنا أهدافنا ولننهض بأنفسنا وبالأمة.

(يجب علينا ألا نؤمن فقط بأن على الأمور أن تتغير بل نؤمن بأن علينا نحن أن نغيرها) أنتوني روبنز

نعم لو تأمل الواحد منا قليلاً لوجد أنه مؤمن بالتغيير بل يتمنى أن يتغير وأن يغير وكم منى نفسه أن يكون ذا شأن وصاحب مكانه رفيعة، ولكنه في واقع الحال يجد نفسه أنه لا يتقدم بل ربما يتأخر!!

والحياة كما تعلم أخي ليست سهله يسيره، لا بد من المكابدة (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) والمجاهدة ولا بد من المرور بأزمات وامتحانات وابتلاءات وهذا شيء متوقع. ولكن يجب أن تكون قادر على تجاوز كل الضروف وحل كل المشاكل بل والاستفادة من التجارب، وكما قيل الحياة مدرسة والحياة تجارب. ولكل مشكلة ومعضلة جوانب أخرى مشرقه وآفاق واسعة جداً من المعرفة والمعلومات الجديدة والأفكار. أستفد من كل موقف يمر بك، أستخلص منه الفائدة وجانب الإيجاب فيه. وكن فطن دون ما يحتاج تدوينه، ومع مرور فترة من الزمن ستجد أنك تمتلك مخزون كبير من الخبرة والتجربة في الحياة إضافة إلى معلومات ومعارف مكتسبة بذلك تكون شخصيتك أكثر نضج وأكثر اتزان.

وإياك يا أخي أن تكون محبط متخاذل ضعيفاً، ولا تكن باللوام؛ تلقي اللوم على هذا وذاك. تارة على الحكام وتارة على العلماء والمشايخ وتارة على المسؤولين وتارة على الغرب ومرة أخرى على المجتمع، بل كنت أنت المبادر صاحب العزيمة وأترك لك أثر تذكر وتعرف به، وكن أنت أحد معاول البناء وصاحب اليد البيضاء. وتوكل على الله واستعن به ولا تعجز، وقم بالدور الذي عليك. وكم من رجل بأمه، فكن أنت هذا الرجل.

كل يوم تقدم خطوة إلى الأمام لتصل إلى أهدافك التي رسمتها لنفسك، وإن كنت لم تحدد أهداف لك بعد أبدأ الآن ولا تنتظر. ربما تحتاج وقت أو تحتاج مساعدة لا تتردد في طلبها فوراً ممن تراه يستطيع مساعدتك فعلاً؛ والناس في الاستشارة خمسة أصناف: الأول المحبط المخذل صاحب النظرة السوداء؛ إذا قابلت هذا الصنف أبتعد عنه فوراً، والثاني الذي لا علم عنده وليس لديه استعداد أن يقدم لك شيء؛ وهذا أيضاً أتركه ولا تخاف فلا يأتي منه ضرر، والثالث الذي يقول لك هذا جيد هذا حسن دون أن يقدم أكثر من هذه الكلمات؛ هذا الصنف تحتاجه حينما تكون قد اتخذت القرار، والرابع الذي يفرح لك يدعوا لك ويهيل عليك كلمات التأثير والإيجابي؛ هذا تحتاجه عند الحاجة إلى التشجيع والاستمرار، والخامس والأخير من الصنف النادر هو ذلك الشخص الذي يفرح باقتراحك ويشجعك ولكنه يعطيك أفكار جديدة ويطور فكرتك ويمنحك فرص أكبر للتفكير والابتكار؛ ابحث عن هذا الصنف ستجده حتماً.

وختاماً: أقول لك كما قال الرفاعي: (إن المصباح ليس له أن يقول إن الطريق مظلم لكنه يقول: ها أنذا مضيء).


 

قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ألا إن في الجسد مضغه إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب).

أرجوك إذا كنت تعي معنى هذا الحديث تمام الوعي، لا تكمل قرأه المقال لأنه لا أبلغ ولا أعمق ولا أدق ولا أصلح من قول الرسول صلى الله عليه وسلم فهو يغني عن قول سواه من البشر.

أما إن أحببت أن تقرأ كلامي فأقبل لأحرفي قلبك، إني مرسلاً كلاماً من القلب آملاً أن يصل إلى القلب. اللهم أرزقني صدق النية والقول.

أخي الغالي يعتقد كثيراً من الناس أن أهم شيء هو صلاح القلب وحتى لو ظهر من سلوك خلاف ذلك، المهم أن يكون الإيمان في القلب راسخا. وكما يفعل الكثير؛ يشير إلى صدره ويقول: “المهم الذي هنا!”. وأقول أن هذا الكلام صحيح من جهة وهذا مصداقاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم الآنف، ولكن فهم بعض الناس يكون قاصر ويعتقد أن صلاح القلب يكفي بأن يشعر بانتسابه إلى الدين وبالتوحيد فقط. وهذا الفهم يفتقر إلى الجانب الآخر وهو صلاح سائر الجسد.

فإذا صلح القلب وذلك بسلامته من الغل والحسد والطمع والجشع وحب الذات والحقد والغيرة الزائدة والغش والخيانة والنظر إلى ما في أيدي الناس والأنانية والخبث وغيرها من أمراض القلوب من نميمة وغيبه وغفلة وبعد القلب عن الخشوع والتأثر بآيات الله. وكان القلب ملئ بالأيمان وخشية الرحمن بالسر والعلن وكان تقي نقي سليم النية وحسن الظن وكان طيب محب طاهر أبيض.

فإن هذا ينعكس على الظاهر ولا شك، ولا أدل على ذلك إلا أنك ترى أحياناً أناس وجوههم مشعه بنور الإيمان الذي في قلوبهم، وتعرفهم بتعاملهم وحسن خلقهم وطيب معشرهم ونقاء سرائرهم. هم كالأزهار في بهائهم وكالأقمار في نقائهم وكالبحار في سعة صدورهم. على عكس صاحب القلب الميت فإنك ترى في وجهه ظلمه وكآبه موحشة، وفي سلوكهم غلظه وجفاء وربما ظلم وجور، وسخف وقلة حياء.

سبحان الله؛ شتان بين الصنفين وفرق كبير بين النقيضين، ومع أننا نتعايش مع بعضنا وربما أصاب أحدنا شيء من أحد الجانبين، لكن الله سبحانه منّ علينا بعقل ندرك به، وضمير نشعر به. لذلك هذه دعوه لكي نرتقي بذواتنا من الدون إلى العلا وأن نكون كما يحب المصطفى صلى الله عليه وسلم. ولنختار لأنفسنا أسمى الصفات ولنزكي قلوبنا ونطهرها ونعالجها، لكي تكون حياتنا أكثر سعادة وأنس بالله.

والآن لنقول جميعنا: “المهم الذي هنا” ولكن بالفهم الصحيح الذي ينعكس على واقع سلوكنا.

 

 

الحمدلله الذي منّ علينا بالإسلام، الحمدلله الذي اختارنا من خلقه وأكرمنا بهذا الفضل العظيم والشرف الرفيع… وتفضل علينا بأن جعلنا خير أمه… ونتبع خير الرسل بل أفضل البشر عليه الصلاة والسلام… أكمل لنا الدين ورضيه لنا وأتمم علينا النعم الظاهرة والباطنه … الحمدلله لا نحصى ثناء عليه… له الحمد في الأولى والآخرة…

دين شامل كامل لا نقص فيه ولا عيب، نزل به أعظم الكتب؛ القرآن العظيم كلام رب العالمين… أحق ما قيل وأصوب، وأزكى وأنقى وأسمى الكلم…

كان لابد لي من الإشارة ولو بإلماحه لشرف الإسلام وعظيم فضل رب العالمين أن أنزله على نبينا عليه الصلاة والسلام و كرمنا بإتباعه والسير على منهاجه. وليس هذا مقام الحديث عن الإسلام وإلا فالكلام كثير ويطول بنا المقام في الحديث عنه دون أن أصل لما أريد الحديث عنه في هذه المقالة…

أقول وبالله التوفيق؛ أن من الواجب علينا كمسلمين أن نتمثل الإسلام في ذاوتنا وأن نبتعد عن التنظير الذي يمر به كثير من أطياف المجتمع المسلم هذه الأيام. الدين ليس مجرد مثاليات وتوجيهات نعرفها ونفهمها ثم لا نطبقها، أو أنها صعبة التطبيق أو مستحيلة! لا أبداً بل أن الدين الإسلامي دين شامل كامل؛ دين واقعي يحاكي كل ضروف الحياة وتقلبات الزمان وصنوف المشكلات والمعضلات وحتى الأفراح والأتراح وكل ما يعتري الإنسان والبيئة والمجتمع بشكل عام من أي تغيرات ومؤثرات.

إن الله جل وعلا الذي تولى حفظ هذا الدين وجعله صالح لكل زمان ومكان، هو ذاته الذين خلق الكون وخلق كل شيء فيه، وهو سبحانه الأعلم بالأصلح لنا ولذا نجد ارتباط وثيق بين الطاعة والالتزام بالدين وبين التوفيق والتيسير في الحياة، ولو تأمل أحدنا قليلاً في المجتمع من حوله لوجد إن أنجح الناس اليوم في العالم الإسلامي بل وربما في العالم أجمع في بعض الأحوال يجد إن خلف هذا النجاح هو قوة الإيمان بالله والعمل بمرتضاه، وإن كان هناك ناجحون من غير المسلمين فنجاحهم بكل تأكيد يفتقد إلى حلاوة الروح والسعادة الداخلية، هو نجاح دنيوي لا غير، وإما الناجحون حقا هم أولائك الذين جعلوا دين الله لهم منهاجا، وعلى خطى محمد صلى الله عليه وسلم طريق يسلكونه لنيل مرادهم بتوفيق الله وامتنانه.

وإن العجب اليوم أننا أصبحنا نعد هؤلاء عداً من قلتهم رغم أن المسلمين فاق عددهم الملايين! وأرجع هذا الشيء إلى ما ذكرته قبل قليل هو تمسكهم بالصراط المستقيم وبعد كثير من المسلمين عن امتثال هذا الدين واقعاُ ملموساُ في الحياة.

وإن المتأمل لتعاليم ديننا الحنيف وفرائضه؛ يجد أن فيها من الفوائد والأمور التي تمس واقع الناس اليوم وحياتهم الخاصة والعامة، وهذا واضح لا يحتاج إلى إيضاح مثل فرض الصوم من فوائده تقوى للقلوب وتقوية للأبدان وفيه تزكية للنفس وكذا الصلاة فيها احترام المواعيد وهي الصلة بالله لعظمها، والحج وروح المجتمع الواحد والزكاة فيها من الرحمة والشفقة والتكافل…إلى غير ذلك من التقرب إلى الله بصنوف الطاعات والعبادات والنوافل القلبية  والفعلية…

وعلى هذا أدعوا نفسي وكل من يقرأ حرفي هذا؛ أن نمتثل دين الله واقعاً في حياتنا وأن نلتزم به قدر الإمكان وأن يكون نصب أعيننا في تعاملنا مع الآخرين وفي تعاملنا مع أنفسنا وقبل ذلك في تعاملنا مع الله جل جلاله، حتى نظفر بالفوز والنجاح في الدنيا والآخرة، وعلى كل الأحوال نحن الذين في حاجة الله دائماً وهو الذي في غنا عنا دائماًُ…


 

باقة متنوعة من أقوال أعجبتني، نتنقل بين روحانية مؤمن وبين رقي بالذات وطموح يخالج النفس، أغلبها من رسائل جوالي وبعضها من مقولي الشخصي…أترككم معها راجياً الله أن تكون ذات نفع وفائدة…

- كان عطراً من التواضع…كان عبقاً في الطرقات…لا يأنف ولا يستكبر…له ابتسامة تشرق معها الدنيا…كان له ضياء يفوق القمر؛ أرقى الخليقة خلقا وخلقا…يعرف بريح الطيب إن أقبل…يخيط ثوبه…ويخصف نعله؛ كان أرقى القلوب… وأخشع الخلق…يبكي شوقاً لنا…
فهل بكينا شوقاً إليه؟
عليه أكمل صلاة وأتم تسليم…

- الطاعات موصولة دائماً بنوع من أنواع النفع، والمعاصي موصولة دائماً بشكل من أشكال الضرر، وهذا ثابت وواضح، وهو دليل على حكمة الله تعالى ورحمته بعبادة.
 
- ما أجمل أن يعود الواحد منا إذا وضع رأسه على وسادته أن يتساءل عن الأشياء الجيدة التي كان في إمكانه أن يعملها لكنه لم يعملها. (د.عبدالكريم بكار)

- حاول دائماً أن تعرف ما يشكل الفوارق بين الناجحين والمخفقين، ومما يساعد في هذا أن نستحضر سيرة واحد من هؤلاء وواحد من أولائك، ثم نقارن بينهما لنستخلص العبرة.

- لا ينمو العقل إلا بثلاث: إدامة التفكير…ومطالعة كتب المفكرين…واليقظة لتجارب الحياة…(مصطفى السباعي).

- ”ما تركز عليه ستحصل عليه” اختر لنفسك أسمى وأعلى الغايات وأمض في تحقيقها؛ واثقاً بالله ثم بنفسك ومتوكلاً على الله ومحسناً الظن به ومعلقاً قلبك به عاملاً بالأسباب سالكاً أيسر الطرق.

- ”التميز لا يكون صدفة أبدا” بل هو نصب وتعب وصدق وتوكل وحسن نية وصبر وتخطيط متقن وتفاؤل وخلق جم وتواضع وإبداع!

هكذا يعلمنا الرسول صلى الله عليه وسلم؛ كيف تكون هممنا عاليه، لا ترضى بالدون إطلاقا. الفردوس الأعلى وهو أعلى الجنة، لم يقل الجنة فحسب، لأنه يريد أن يربينا على أن تكون نفوسنا تواقة، للخير مقبله بل سباقه، وقد فهم هذا عمر بن عبد العزيز رحمه الله وعمل به واقع في حياته، حيث قال في آخر عمره : (إن لي نفساً تواقة، وما حققت شيئاً إلا تاقت لما هو أعلى منه، تاقت نفسي إلى الزواج من ابنة عمي فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها، ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فوليتها، وتاقت نفسي إلى الخلافة فنلتها، والآن تاقت نفسي إلى الجنة فأرجو أن أكون من أهلها.)، لله هم هؤلاء الرجال الذين صدقوا الله فصدقهم. تتحرك قلوبهم وجوارحهم برضى الله سبحانه، كانوا قد رسموا لأنفسهم أهداف وصيروها واقع يعيشونه، وغمروا قلوبهم بالإيمان والرضى والتسليم لأمر الله والتوكل عليه، وفي ذات الوقت ساروا بخطى ثابتة لتحقيق آمالهم ورغباتهم.
وهاهو الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الذي أشار فيه إلى الفردوس الأعلى، وهو يعلم أن هذا ليس بسهل التحقيق بل أن هناك صعوبات وعوائق ولا أدل على ذلك إلا الحديث الذي جاء فيه (..حفت الجنة بالمكارة..)، وهذا درس في الصبر والسعي لتحقيق الهدف مهما بلغت الصعوبات وتعثر بنا الطريق…

أننا في هذه الحياة لم نخلق إلا لغاية، وهذا أيضا دليل آخر لأن نكون أكثر جديه في حياتنا وأن نصل بذواتنا إلى تحقيق مرادنا، وأن نشغل أوقاتنا بما ينفعنا. لأن النفس أن لم تشغلها بالحق؛ شغلتك بالباطل.


 

(لأن بقيت إلى رمضان المقبل ليرن الله ما أفعل!!!)

بهذه الجملة ختم رمضان هذا العام؛ بل بهذه الجملة ختمنا رمضاننا هذه المرة!!

موسم عظيم…ورحمات بالعباد تنزل…وفضل من الله ينعم به علينا…نفحات إيمانيه وفرص ثمينة…
ليالي فاضلات…صوم وقيام…صدقة وإطعام…تلاوة قرآن ودعاء…ذكر واستغفار…توبة وإنابة…بر وصلة…تزاور وتناصح…
هكذا وغيرها من الأعمال من الثقيلة في الميزان الخفيفة على بني الإنسان…لكن هيهات هيهات من منا أدركها وعقلها…والأهم من منا عمل بها وأخلص لله فيها؟؟

الليلة الأولى مباركه وفرح واستبشار…ودعوات على الإفطار…ثم ليلة وليلة حتى ينتصف الشهر ويقترب من الرحيل…ثم يخمد الحماس…وتبرد النفس…وتضعف الهمة…وتزداد الذنوب…ذنب يعقبه آخر وآخر…وتزدان الليالي بعصيان الباري…ويكثر النوم عن الصلوات وكأنها ليست من الواجبات…

ثم في لحظه إذ بنا في العشر الدرر…عشر العتق من النيران…ليالي فيها أعظم ليلة على الإطلاق…أيام أقضت مضاجع الصالحين…وشمر فيها عن ساعد الجد الأولين…وأما نحن!!
فقد تمكن منا الهوى وبقينا في غفلتنا…وانتصف أو أقل صف الصلاة…ونام النائمون…وغفل اللاهون…

حتى…حتى…إذا ما جاءت لحظه صحوة!…قلنا آه فات رمضان وانقضى…والله غفور رحيم…
وموعدنا مع…مع…مع القرآن؛ والتوبة؛ والمحافظة على الصلاة؛ والقيام؛…..موعدنا في مثل هذه الأيام من ذاك العام…
والله ليرن الله ما أصنع!! إني فاعلاً وفاعلاً…وقد صدق(وصدقنا)، وسوف يرى الله خيبتنا وغفلتنا…واستمرارنا في التسويف والمماطلة…والطامة الكبرى؛ أننا المتحاجون…الفقراء المساكين…والله هو الغني عنا…وهو المتفضل علينا….

لكني أرجو أن (نكون) ممن وعى وفهم…ولو بعد حين…ولو بعد حين…واستفاق من غفلته…وهب من نومته…وأدرك ولو ليلة!…وأدرك ولو ست من شوال…وأدرك ولو عرفة والحج…أو أدرك يوم عاشورا…
ثم بقي على هذا الطريق…جعل حياته في ظل هذه الآية الكريمة: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

وعاش لله…ومع الله…وفي الله…حتى يلقاه وهو راض عنه غير غضبان…

 

في فترة مضت وخلت…في أطهر زمان وأشرف مكان… ومع أشرف الخلق وأزكاهم وأعلاهم منزله… حدثت ملحمه عظيمة… ومهرجان حب وإخاء لم تعرف البشرية مثله… نقلت رعاة الغنم… إلى قادة وسادة لجميع الدول والأمم… وكانت البدايه يوم أن آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين الأسود والأبيض… السيد الحر والعبد المملوك… العربي والأعجمي… آخى بين حمـزة القرشى وسلمان الفارسى وبلال الحبشى وصهيب الرومى وأبى ذر الغفاري… ثم آخى محمد صلى الله عليه وسلم بين أهل المدينة من الأوس والخزرج، بعد خلاف وشقاق…ثم آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أهل مكة من المهاجرين وبين أهل المدينة من الأنصار… وراح الأنصاري يرحب بأخيه المهاجر… ويقاسمه في بيته وفي ماله…
روح واحده في أجسام متفرقه…أنها الأخوة الصادقة الحقيقة… أنه صفاء الإيمان ونقاء السريرة… وصدق الله القائل (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)…

أن الحب في الله، والأخوة في الله ركيزة عظيمة من ركائز هذا الدين… فكيف تسير الحياة لو عاش كل منا كارهاً مبغضاُ لأخيه المسلم!!
إنها والله مصيبه وكيف لا تكون مصيبه والحب والبغض من الإيمان فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي صححه الألباني رحمه الله (من أحبَّ لله، وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان)…

أرأيتم لو أن الإنسان غسل قلبه من الأحقاد… وطهره من الأرجاس… ونقاه من الحسد والغل… ثم استبدل هذا… بالحب… وحسن الظن… والإخلاص… ومحبة الخير لأخيه… والإثار… والتعاون…
كيف بالله ستكون الحياة!!

تعالوا لنقرأ هذا الحديث العظيم… ونمعن النظر فيه… ثم نفهمه ونتدبره… يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتى للمتحابين فيّ، والمتجالسين فيّ، والمتزاورين فيّ، والمتباذلين فيّ)
سبحانك يالله… تعطي الكثير على العمل القليل… ياله من فضل… ويالها من كرامه… وأي شيء أعظم من أن يحبك الله!!

إنها دعوة لكي نعود لما كان عليه اسلافنا… ولا نكتفي بالفخر بتاريخ أمتنا… ونقول كنا وكنا… وواقعنا الآن على خلاف ما كانوا عليه…لننفض عنا غبار الجاهليه… ثم ننطلق كما أنطلق الرعيل الأول… القدوات مصابيح الدجى ومنارات الهدى… عليهم رضوان الله… وننهل رحيق المصطفى المختار… وننقاد ونطيع… لعلنا بركابهم نلحق… وبصحبتهم نضفر…

 


يذكر ان هناك ثلاجه كبيرة تابعة لشركة لبيع المواد الغذائية… ويوم من الأيام دخل عامل إلى الثلاجة…وكانت عبارة عن غرفة كبيرة عملاقة… دخل العامل لكي يجرد الصناديق التي بالداخل…فجأة وبالخطأ أغلق على هذا العامل الباب…

 

طرق الباب عدة مرات ولم يفتح له أحد … وكان في نهاية الدوام وفي آخر الأسبوع…حيث أن اليومين القادمين عطله … فعرف الرجل أنه سوف يهلك…لا أحد يسمع طرقه للباب!! جلس ينتظر مصيره…وبعد يومين فتح الموظفون الباب… وفعلاً وجدوا الرجل قد توفي…ووجدوا بجانبه ورقه…كتب فيها… ماكان يشعر به قبل وفاته…وجدوه قد كتب…(أنا الآن محبوس في هذه الثلاجة…أحس بأطرافي بدأت تتجمد…أشعر بتنمل في أطرافي…أشعر أنني لا أستطيع أن أتحرك…أشعر أنني أموت من البرد…) وبدأت الكتابة تضعف شيء فشيء حتى أصبح الخط ضعيف…الى أن أنتقطع…

 

العجيب أن الثلاجه كانت مطفأه ولم تكن متصله بالكهرباء إطلاقاً !!

برأيكم من الذي قتل هذا الرجل؟؟

لم يكن سوى الوهم الذي كان يعيشه… كان يعتقد بما أنه في الثلاجة إذن الجو بارد جداً تحت الصفر…وأنه سوف يموت…واعتقاده هذا جعله يموت حقيقة…!!

لذلك أرجوكم لا تدعوا الأفكار السلببية والإعتقادات الخاطئه عن أنفسنا أن تتحكم في حياتنا… نجد كثير من الناس قد يحجم عن عمل ما من أجل أنه يعتقد عن نفسه أنه ضعيف وغير قادر وغير واثق من نفسه…وهو في الحقيقة قد يكون عكس ذلك تماماً…

 

لذا لنكون أكثر ثقة بأنفسنا وبقدراتنا … والأهم أن لا نجعل فرصة لمثل هذه الأفكار أن (تعشش) في داخل عقولنا….

 

هذه المرة من روائع جوالي أختار لكم:

- الحياة المليئة بالأخطاء أكثر نفعاً وجدارة من حياة فارغة من أي عمل!!
- إن الإنسان الذي لا يضحي أبداً بالحاضر في سبيل خير مستقبلي، ولا يضحي بالنفع الخاص من أجل النفع العام يتحدث عن السعادة كما يتحدث الأعمى عن الألوان!
- تدل تجارب كثيرة على أن الأشخاص الذين يتمتعون بإرادات صلبة، يجدون الكثير من الفرص للنجاح، كما تدل المشاهدات على أن العاجزين والكسالى هم الذين يشكون من نقص الفرص.
- الناس أحوج إلى العلم منهم إلى الطعام والشراب، لأن الطعام والشراب يحتاج إليه مرتين أو ثلاثا، والعلم يحتاج إليه في كل وقت.
- إن من يتحرر من سلطة رسائله السلبية بإمكانه أن يخطو خطوات متفوقة ومتقدمة في سلك الناجحين والعظماء، وهذا أحد الفروق التي تميز المبدعين والمتفوقين عن غيرهم.


« Previous PageNext Page »