مايو 2007


 

خرجت إلى الشرفة…ووقفت على الأطلال…وسألت نفسي…كيف كنت وإلى أي شيء صرت!
اشتقت لصوت الأذان يعلو في المكان…وينتشر في السماء الله أكبر الله أكبر….حي على الصلاة…حي الفلاح…الصلاة خير من النوم….
والآن! أين أنا من هذا؟ وكيف لا أسمع هذا النداء؟
الفلاح وهل هنا فلاح غير الفلاح الدنيوي؟ وما ينفع فلاح الدنيا مع ضياع الآخرة وأسفي!
خير من النوم…لا بل هنا ما هو أسوء من النوم والله المستعان…

سبحان الله…تذكرت مسجد أحبه وأفرح بالصلاة فيه…وكيف الناس يجتمعون فيه … وجوه خاشعة طاهرة متوضئة مؤمنه مخبته إلى الله منقادة … ونفوس إلى لقيا ربها مشتاقة…اصطفوا وتراصوا ووقفوا واجتمعوا بجوار بعضهم على أعظم شيء في الحياة … وفي بيت من بيوت الله… في أطهر مكان وأشرف بيت… وقالوا جميعاً الله أكبر…
الله أكبر من كل شيء…من العقار وأموال التجار…من الزوج والعيال…من العمل والعمال…من الدراسة والمذاكرة…حتى من شهوات النفس ولذاتها…
ثم انتبهت لحالي وإذا أنا الآن …أصلي في غرفة صغيرة ومع ثلة طيبه قليله…وما أحد يسمع صوت الأذان سوانا…وكيف يكون ذلك ونحن تحت الأرض… وفي أرض غريبة لا تعرف للإسلام قدرا!!!
وبجوارنا الضد … وهل يتجاور الضدان؟ هاهو يحصل في هذا الزمان هنا في بلاد العجائب!
تجاور الموسيقى و الأذان وصوت الرحمن…وتجاور الرقص بأعظم شعيرة وألذ عبادة!
تجاور الإيمان وقلوب الخاشعين….بالكفر وقلوب اللاهين…
غرفة صلاة…بجوار غرفة رقص!

فاغتممت وأردت أن أدخل غرفتي… وأترك همي في الشرفة…حتى يأتي اليوم الذي آتي وأطرحه…من الطابق الثاني عشر على ركام الأشجار المهملة…فيتقطع ويتناثر…وأنساه وأرتاح….

ألتفت فإذا بكوب القهوة الغربية!…وأنا لا أحبها كثيراً …لكني ما أفعل فقد فقدت ذلك الفنجان…مع لمه الوالدين بالإخوان…آه ما أطعم تلك القهوة العربية…حتى ولو شربتها هنا فلا أظن أن لها طعم يذكر…وهل يعدل تلك اللمه شيء؟ وهل يغني أن كنت أحتسي نفس القهوة عنها؟….

قررت أن أخرج وأنسى رائحة القهوة العربية… ولكني لا أستطيع أن أنسى من يجلس لها في اجتماع لا مثيل له…
قلت يا عصام…كأنك تحس بالجوع! فهل تريد صحن (جريش!) أو (كبسة دجاج!) أو (صينية خضار!) …لا … أريد على الأقل (شاورما!)
ضحكت من نفسي على نفسي…وأنى لي مثل هذا؟
دخلت للمطعم قلت للنادل هات هذا وأشرت إلى الصورة…فلما أحضر لي الطعام…فإذا بالطعم الغريب … وكأنهم وضعوا في الطبق…أنواع التوابل الحارة…ولم ينسوا (الفلفل !) طبعاً… احترت بين الجوع وبين أكل هذا الطعام…
ياعصام سم الله وكل على بركة الله….
آه يا بطني….يوم أسود هذا!
وليلة كئيبة…امتدت إلى ظهر اليوم التالي…فضاع الدرس…وخارت القوى… وتحكم بي بطني وتركت عقلي…
فقلت أيا رب لا تحرمني من طبخ أمي!!!

وحول غرفتي الصغيرة…خمور…وفجور…غناء … وشهوات…وكيف لمثل هذا المكان أن تدخله الملائكة…بل هو مرتع لكل شيطان… شيطان الأنس والجان…ولا حول ولا قوة إلا بالله…

غريب يمشي… تعالوا بسرعة نتلقط له صورة… وهو لا يدري هكذا ضنوا…
شكله غريب أنظر إلى لحيته….أنت أنت يا من تمشي هنا….من أين أتيت…هل أنت من المريخ؟ هكذا تهامسوا …وودوا لو قالوا….

عجيب المنظر والهيئة…بين جموع من الناس يمشي…
ذاك يلعب الكره…وآخر يعزف بالمزمار…وتلك بل وجموع هؤلاء…كاسيات عاريات…
هذا يبيع الشواء…ولا تسأل عن ما هو!…وآخر أفترش الأرض يبيع بعض الأدوات…وناس في ذهاب ومجيء… وصوت الموسيقى والغناء يعم المكان…
وكأس الخمر في كل مكان يدور…

غربة الدين…والوطن…

ولكن هل مثلي أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم!
حاشى وكلا ….

لقد كان غريب الدين…بل كان قلبه الوحيد العامر بالإيمان…ثم جاء معه خير صحبه …وأفضل الناس على مر الأزمان…
هم قدواتنا…ونحن لهم تبع…نشروا في المعمورة الدين…فما وهنوا ولا استكانوا ولا ضعفوا أو خاروا….هم للخير فاعلين…وللمعروف آمرين وعن المنكر ناهين…عاشوا في قلب الجهل والخرافة …بل وخرجوا منه إلى نور الإسلام وحلاوة الإيمان…. ذاقوا صنوف الأذى…ولا قوا أسوء المعاملات…حوربوا وقوتلوا…لكن الغلبة كانت لهم ولو بعد حين…
ربي أسألك أن تجعل إمامهم عليه الصلاة والسلام قدوة لي ولكم…وأصحابه وأتباعه…منارات الهدى خير دليل وفي سيرهم خير معين…

ربي أحفظ علي ديني…ولا تفتني فيه…ورحم الله امرئ قال أمينا…

الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ (4) مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6)

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…

اسأل الله أن تصلك رسالتي هذه وأنت تنعم بصحة وعافيه وسعادة ورضى…

أخي العزيز/

أرجوك لا تتعجل واقرأ رسالتي بتمهل، أنت نعم أنت يا قارئ هذه السطور، أظنك الآن تتساءل وهل يعرفني هذا المرسل عصام؟

على رسلك تمهل أيها الكريم، قلت لك قبل قليل لا تتعجل وأقول لك الآن أرجو أن تتم قراءة رسالتي الهامة التي بأهميتك عندي حتى نهايتها.

أخي المبارك/

أنت معروف، بل ومعروف من زمان …

لا تتعجب!

أنت معروف بقلبك وما فيه من صلاح أو فساد من خير أو شر من حب أو كره من غفلة أو صحوة من موت أو حياة…
قلبك يعرفه الله، لذا إياك إياك أن يكون على غير ما حب…
عالج قلبك من أمراض القلوب؛ من الحسد والنميمة والغيبة والضغينة والبغضاء، ونق قلبك من الشهوات وحذاري أن تقع في الشبهات فيموت قلبك و تظل الطريق…

ويعرف المولى جل جلاله عقلك؛ وبما تفكر وما تنوي وماذا تخطط…
هل تفكر في صلاحك وصلاح من حولك ومجتمعك؟ أم تفكر في المسلمين ونصرتهم؟ وماذا عن أخوتك وصلتهم؟ وهل تفكر في بناء ذاتك وعلو شأنك وفق نهج سليم؟
أم أنك تكيد لهذا أو ذاك؟ وتنوي سوءً بأخيك المسلم؟ أو تخطط لمعصية؟ تدبر لإفساد؟
ويحك أن كان تفكيرك على غير ما يحب الله ويرضى، فلا تجعل العارف بك يعلم بخبث عقلك، بل أجعله دليلك إلى الحق وإلى الطريق المستقيم…

كما أن البصير يعرف بصرك!
وأين يزيغ ويجول؛ وإلى أي المناظر يستمتع؛ أحرام تبصر؟ أم إلى مباح حلال؟
أهي فتانة حسناء؟ أم إلى أم رؤوم وأخت رحوم وزوجة حبيبه؟
وإذا عُرض عليك فجاءً شيء مما حُرم عليك رؤيته؛ ما أخبار النظرة الأولى؟ وكم مدتها؟ ومتى تمسحها؟ أم أنك تحب أن تحتفظ بالصور النادرة؟
كن يقض حذر وأجعل عينيك في طاعة الله؛ واحمد الله على نعمة وأد شكرها، وشكرها بحفظها حفظك الله…

والسميع يعرف سمعك…
أتسمع لهو الحديث؟ ومزامير الشيطان؟ وقول الزور؟ والنميمة؟ والكذب؟
أم أنك تسمع كلام الرحمان؟ وأجمل الكلام وأصدقه؟ وألين الألفاظ وأعذبها؟
خلق الله لك أذنان بتكوين عجيب فريد …تأمل قليلاً…أرأيت عظيم خلق الله!
لم يخلقها الله لتعصيه بها…

ويعرف الخالق لسانك…
وبما تنطق ومتى ولمن وعن من تتكلم؟
أفي سخط الله؟ في كذب؟ وغناء؟ وسب وشتم؟
أم في مرضاة الله؟ وقول حق؟ أتعلم هذا وتنصح ذاك؟ وتدعو أو تؤمن؟
وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا بحصاد ألسنتهم؟
أجعله يلهج بذكر الله؛ تالياً للقرآن؛ قائلاً خير مما يمكن أن يقال…

أخي الكريم/

ولا تنسى باقي أعضاءك وكل أركانك وجميع حواسك، باطنك وظاهرك؛ سرك وعلانيتك…
أجعلها لله وفي الله ومع الله، كن كلك كذلك…

اتق الله، اتق الله، اتق الله
في شأنك كله؛ في تعاملاتك مع الناس وقبل ذلك مع نفسك وقبل كل شيء مع الله…
قبل أن تقدم على خطوه أو تنوي بعمل ما؛ اسأل نفسك أرضى الله عن هذا؟ أهو في سخطه أم في رضاه؟ هل أؤجر أم أعقاب؟

هكذا كن، والله تسعد في دنياك قبل أخراك…
أخي الحبيب/

أرجو أن تكون رسالتي لك؛ خفيفة عليك أنيسةً لقلبك؛ سرتك وأسعدتك وللخير دلتك…
وأخي المعروف أرجو أن لا تنسى أخاك من دعوة صادقه في وقت استجابة، وتذكر أن هناك ملك يقول ولك بالمثل…

وفقك الله لما يحب ويرضى وأسعد قلبك بالتقوى…

أخوك الداعي لك بالخير:
عصام

أدعوك أخي الكريم تحميل هذا الكتاب الإلكتروني…

داعياً الله لي ولك بالسعادة الأبدية

 

http://www.nayefbinmamdooh.com/publish/article_345.shtml