عجيب أمر هذه الحياة، لا تصفو لأحد ولو كانت هادئة ساكنه مريحة لكانت لخير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم. هي كذلك في ظاهرها مليئة هذه الحياة بالمتغيرات والأحداث والفواجع أو المواجع وربما المسرات والأفراح. ومن خالط الناس وخاض غمار الحياة وجرب شيء من تعرجات الحياة يعرف قيمة كلامي هذا. ومع هذا لست هنا لأجرد واقع ربما يكون معروف عند البعض وإنما لأبث في النفوس تلك الروح التي كان يحملها محمد صلى الله عليه وسلم الرجل الأول في هذه الحياة وما بعدها. وأنى لي أن يصف تلك الهمة والروح السامية العالية الشاهقة التي لا يضاهيها ولا يوازيها شيء ولا حتى يقيسها شيء من مقاييس البشر. لأنه ذو الخلق العظيم والهداية العالية والسمات الكاملة عليه أفضل صلاة وأتم تسليم.

تأملت قبل لحظات كيف صبر يوم أن كسرت ثناياه وشج رأسه، وعندما آذاه أهل الطائف وقبل ذلك قرابته في مكة. ياله من خلق رفيع وصبر كبير….

ثم بعد سنين مكنه الله في الأرض وجعل له الغلبة والعزة والنصرة والتمكين والعلو والسمو والسمعة والرفعة التي يستحقها…. وفي هذه الرحلة العظيمة دروس جسيمه سطرها علمائنا في كتب التاريخ والسير. وليس هنا المقام لذكرها ولكن الذي دعاني لكتابة ما تقدم هي الالتفاتة إلى همته صلى الله عليه وسلم وصبره على الأذى من أجل أهدافه العالية التي جعلتنا اليوم بعد فضل الله ننعم بهذا الدين العظيم.

ونحن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم نلتمس أثره ونسير على منهاجه مهما كانت الأهوال ومهما عاندنا الهوى والشيطان أو عارضات الزمان أو الحساد والحقاد والأنذال وأصحاب النفوس الدنيئة المريضة التي ترى بمنظار صغير للأمور وتبحث عن مصالحها في سبيل مصالح غيرها. حتى وأن حدث ما يعكر المسير ويعيق الطريق ويقطع حبال الرجاء، فهناك أمل بالله ورجاء وصبر وجلد وهمة لا تعرف الدون وطموح جموح وأهداف لا بد وأن نصل إليها مادمنا على الحق وللحق سائرون.

وعلى هذا لا ينبغي أن تعيقنا كلمات المثبطين وأهواء العابثين وأماني الكسالى… ولنشمر عن ساعد الجد ونبذل في سبيل تحقيق أحلامنا طموحاتنا أهدافنا ولننهض بأنفسنا وبالأمة.