سبتمبر 2019


الخطأ طبيعة بشرية متوقعة وقد ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أن خير الخاطئين التوابون وورد وقوع الخطأ والذنب في آيات وأحاديث عديدة. فإذا كان الخطأ يقع في حق الآخرة فمن باب أولى أن يقع في أمور الدنيا.
وفي هذا المقال سوف استعرض ثلاثة مراحل للإنتقال بالخطأ من الوعي به إلى التعلم منه.

المرحلة الأولى: الحالة الذهنية وتشمل:
١- يجب أن يكون لديك استعداد ذهني ونفسي لتقبل وقوع الخطأ، لأن قبول ذلك يعني أن لديك قابلية للتصحيح والتعامل معه.
٢- لا تعتقد أنك تعرف كل شيء.
٣- فرق بين الخطأ والفشل، حيث أن الخطأ هو فعل والفشل هو نتيجة هذا الفعل. الفعل الخاطئ يقود لنتيجة خاطئه والعكس صحيح.

المرحلة الثانية: عند الوقوع في الخطأ وتشمل:
١- الإعتراف بالخطأ وتحديده وتقبله.
٢- تحمل المسؤولية ولا تلقي اللوم على نفسك أو على غيرك، اللوم في هذه الحالة لن يصحح شيء بل يزيد الأمر سوءً.
٣- توقف فوراً وابدأ في مرحلة التصحيح. جد طريقاً لذلك.

المرحلة الثالثة: بعد الوقوع في الخطأ وتشمل:
١- اسأل نفسك هذه الأسئلة: لماذا حصل هذا الخطأ؟ ما الذي يمكن فعله في المرة القادمة لتفادي الوقوع في الخطأ؟ ماذا تعلمت من هذا الخطأ؟ الإجابة عن هذه الأسئلة سيتيح لك المجال للتفكير بطريقة مختلفة تساعدك في تصحيح اخطاؤك.
٢- حدد ما الذي تحتاجه بالضبط لتصحيح الخطأ. هل ينقصك مهارات؟ أدوات؟ معلومات؟ علاقات؟ بحسب نوع ووقت الخطأ حاول أن تعرف ما الذي ينقصك في هذه الحالة.
٣- أطلب المساعدة، ولا تجد في نفسك الحرج من السؤال لأنه لا يوجد أحد كامل ويستطيع فعل كل شيء. قد تحتاج استشارة أو مساعدة أو تفويض. المهم لا تتردد في طلب المساعدة ممن تظنه قادر على ذلك.

إلماحات:
١- تذكر أن التحسين اليسير المستمر يقود إلى نتائج كبيرة. لابأس بالمحاولة والعمل البسيط في تصحيح المسار فهو أفضل على كل حال من عدم فعل أي شيء.
٢- أخطاؤك مصدر قوتك إذا تعلمت منها، ومصدر ضعفك إذا توقفت عندها. كن قوياً دائماً.
٣- لا تستمر في الخطأ عند علمك به. حياتك أثمن من أن تقضيها في مسار خاطئ يمكن تصحيحه. لازال هناك وقت لذلك.

في حياتنا اليومية نحتاج دائماً للتعبير عن ما يدور في داخلنا من أفكار ومشاعر. وغالباً لا نستطيع وصف الشعور الحقيقي ولذلك يغلب على وصفنا المبالغه في اختيار الألفاظ. قد يصعب وصف الحالة الشعورية التي نعيشها خصوصاً عند الحالات السلبية فتختار أقسى كلمة نعرفها مما يؤدي هذا الوصف من الشعور إلى الإعتقاد.

لتبسيط هذا المفهوم اضرب لكم هذا المثال: في حالة الغضب لسبب ما يبدأ هذا الغاضب بالتحدث مع نفسه عن هذا الشعور بكلمات سلبية تعزز هذا الغضب مثل أنا غاضب، لا أستطيع التحكم في أعصابي، سوف أنفجر غضباً ، أنا دائماً عصبي. ثم ما الذي سيحدث؟ ستؤثر هذه الكلمات على إعتقاده الشخصي عن نفسه ويربط كل حدث بسرعة غضبه وعدم السيطرة على أعصابه ثم سيتحول هذا الإعتقاد إلى فعل. أي أنه ربما يعبر عن غضبه بالصراخ أو الضرب أو أي فعل آخر سلبي.
إذاً التسلسل المنطقي هو كالتالي: كلمة سلبية تتكرر ثم شعور وإعتقاد بهذا الوصف ثم فعل.

ماذا لو كانت الكلمة إيجابية؟ سيحدث نفس التسلسل ولكن النتيجة حتماً مختلفة. ولو افترضنا أن الواقع سلبي، فمن الطبيعي أن يكون الشعور سلبي، في هذه الحالة يمكن التحكم في الكلمات مما ينعكس إيجاباً على السلوك. وفي المثال السابق بدلاً من أن تقول لنفسك أنا غاضب تستطيع القول أنا غير مرتاح، أنا لست في حال جيده، أحتاج أن أرتاح الآن وأعيد التفكير مرة أخرى. سوف تتوقف عن الشعور السلبي ولن يحدث فعل سلبي وسوف تبحث عن حل مناسب.

وفي جانب آخر، لو تأملنا في كثير من الكلمات التي نقولها لأنفسنا لوجدنها قد منتعنا من كثير من الأمور التي كان يجدر بنا فعلها. كم مره تقول لنفسك أنا لا أستطيع، أو فعل هذا الأمر صعب، كيف تحكم على نفسك بعدم القدرة أو بصعوبة الأمر مع أنك لم تجرب مره؟ بسبب هذه الكلمات قد تضيع على نفسك فرص عظيمة، ماذا لو قلت لنفسك هذا تحدي جديد أحتاج أن أخوض التجربة وأتعلم من أخطائي وأكتسب خبرة جديدة. تأكد أنك لن تكتسب هذه الخبرة لو أوقفتك كلمة لا أستطيع.

تمر بنا لحظات نفكر بأننا لسنا أكفاء أو أننا لا نستحق هذا المكان وأن فلان أفضل منا ولديه فرص أكبر وأفضل. كل هذا وهم وأفكار تافهه في مخيلتنا فقط وإنما الواقع أن فلان آمن بنفسه و ذهب إلى الفرصة وتعلم منها.

قد تتسائل كيف أغير أسلوب حديثي لنفسي وطريقة أختيار كلماتي؟ باختصار وبكل بساطة راقب كل الكلمات السلبية التي تقولها لنفسك وسجلها في ورقه خاصة أو في جوالك واجعلها على هيئة قائمة ثم اكتب أمام كل كلمة سلبية كلمة بديله عنها أقل سلبية وأكثر إيجابية ثم كررها في كل موقف يستدعي استخدامها. على سبيل المثال: استبدل خائف بمهتم و صعب بتحدي. وقس على ذلك جميع الكلمات التي تمر بذهنك وكيف يمكنك استبدالها.

ما رأيك أن تنتقل لمستوى أعلى من التفكير؟ اكتب الكلمات الجيدة التي تصف بها حالاتك المتوسطه أو فوق المتوسطة واستبدلها بكلمات أكثر حماس وقوة، مثلاً بديلاً عن جيد استخدم كلمة ممتاز وطيب برائع وسعيد بقمة السعادة. اسرد جميع كلماتك الجيدة واستبدلها بكلمات أكثر جمالاً وسعادة وستجد إنعكاس ذلك على مستوى تفكيرك وأفعالك. سوف ترى الأمور بمنظار مختلف تماماً عما كنت عليه.

وتذكر دائماً أن الكلمة التي تقولها للآخرين تؤثر فيهم سلباً أو إيجاباً، والكلمة التي تقولها لنفسك تأثيرها عليك أضعاف أضعاف ذلك.

الخوف حالة عاطفيه تحصل للإنسان نتيجة لموقف معين أو لإعتقاد معين تبناه من تلقاء نفسه أو من مؤثر خارجي. وقبل ذلك يولد الإنسان خالي تماماً من مشاعر الخوف ومع مرور الأيام والتقدم في العمر يتشكل الخوف في ذهن الإنسان ثم يكبر حتى يسيطر على تفكيره فينتقل ذلك إلى سلوكه.

قد لا يخلو إنسان من حالة خوف مرت به في مراحل عمره وهذا أمر طبيعي لأنه كما تقدم حالة شعوريه تبدأ صغيرة وإما أن يكبرها التفكير حتى ترسخ وإما أن يصغرها فتختفي حتى تأتي حاله أخرى، فهي حالة تتكرر على الإنسان طيلة حياته ولكن هناك من يتلبسه الخوف حتى يؤثر على مسيرته في حياته وهناك من يعالجه حتى يزول.

ولكي يتضح هذا المفهوم أكثر فإن الخوف ثلاثة أنواع كما وضحت ذلك الكاتبة (Sharon Pearson) : الخوف بأن لا تكون مقبول عند الآخرين - الخوف من عدم القدرة - الخوف من عدم الإنتماء. معظم أسباب الخوف لا تخرج عن أحد هذه المصادر. والخوف عندما يصبح فكرة تسيطر على عقل الإنسان تمنعه من أن التقدم في حياته أو ضياع فرص هو أولى بها، على سبيل المثال حينما يعتقد الإنسان أنه غير مقبول لدى الآخرين إما لشكله أو لونه أو مستوى تعليمه أو لأي سبب كان فإنه يشعر أنه أقل من الآخرين وليس جدير بأن يتعامل معهم وقد لا يجد الحب والحفاوة والتقدير، والنتيجة المحتمله في هذه الحالة هي فقدان الثقة بنفسه وربما يختار العزلة بديل عن المشاركة والتفاعل مع الناس. قد يكون هذا الاعتقاد لديه فقط بينما الآخرين لا يشعرون بذلك تجاهه وربما أبدى ذلك بعضهم (وهنا يكون مؤثر خارجي) ولكن بكل تأكيد ليس كل الناس حوله كذلك. والحال كذلك عند الخوف من عدم القدرة على العمل في مجال معين أو عدم القدرة في التعامل مع الطرف المقابل أو غيرها من المعتقدات التي تتعلق بعدم الكفاءة، وقد تجد أن قرار عدم الكفاءة صادر من مخليته وهو لم يجرب قط!. وفي الحالة الأخيرة التي تتعلق بالخوف من عدم الإنتماء، يحدث هذا عندما يكون الفرد عضو في مجموعه عمل أو علاقه اجتماعية حينما يرى نفسه في مكان غير مناسب بينهم أو أنه أقل منهم قدره في التواصل أو يختلف عنهم في الطباع، فينعكس ذلك على سلوكه فيصبح أقل عطاءً وأكثر تشتتاً وخوفاً.

ولكي نتخلص من هذه المخاوف علينا أن نعيها ونفهمها أولاً ونعلم مسبباتها وهذا هدفي من هذا المقال، وبعد أن نعيها نسعى جاهدين لمواجهة هذه المخاوف ومعالجتها بأنفسنا أو بمساعدة من نظنه قادر على ذلك حتى لا تكبر ونخسر الاستمتاع بعيش حياة طبيعية خالية من الخوف.