يوم أن كنا صغار كنا نحلم؛ (أستاذ أنا أبغى أصير طيار)، (أنا مهندس)،(وأنا مدرس علوم)،(وأنا دكتور)…
أمنيات بريئه لم تكن فعلاً هاجس مستمر أو طموح نتوق إلى تحقيقه….

وتمضي تلك السنين، وتنسى تلك الأحلام والأمنيات، وتعصف بنا هذه الحياة ونخوض غمارها برعونة ودون سابق خبرة وفي الغالب بقليل من التوجيه.

كثير منا عاش لا يدري إلى أين هو ذاهب، ولا يعرف هذا الطريق الذي يسلكه!
أنهى الابتدائية والتحق بالمتوسطة مثله مثل جميع أترابه ثم دخل الثانوية وربما في هذه المرحلة يخضع لأول قرار في حياته وفي غالب الأحيان لا يكون هذا القرار منه شخصياً فيختار القسم العلمي أو الشرعي أو غيره، ربما من أجل أصدقائه أو لأن أبواه أو أخاه نصحوه بذلك أو ربما هكذا قرر من غير سبب وجيه، وقد يكون فعلاً راغب في هذا المجال.

وبعد سني الثانوية يسقط في يديه ويبحث عن جامعة أو كلية تقبل به، وإن كان من أصحاب المعدلات العالية تعال واسمع رأي الأب والأم والمعلم وأبن الجيران و…و…و.. القائمة تطول، ثم يدرس على كل الأحوال في هذا التخصص مثله مثل غيره ممن كانوا في سنه…

- لماذا أنت هنا؟
- لا أدري!
- ماذا تريد أن تحقق في المستقبل؟
- لا أدري!
- طيب، هل لك أهداف، آمال، تطلعات، طموح؟
- هاه أن شاء الله بتخرج واتوظف.
- أقول: الله يوفقك بس!

قد يكون هناك أسباب كثيرة تتعلق بالتربية وظروف الحياة والبيئة وغير ذلك تؤثر في توجه الإنسان خصوصاً في بداياته، وليس هذا المقام للإسهاب فيها. وما أود قوله هنا أن بعض الناس (=0)!

حتى في مراحل أكبر من الجامعة وغيرها، تجده يعيش حياته كيفما أتفق، بلا هدف واضح ولا طموح دافع ولا أمل يتطلع إليه.

من العمل إلى البيت إلى المسجد وزيارات عائلية ولقاءات مع الأقارب أو الأصدقاء، يقضي حياته هكذا بنمط روتيني واحد ممل…

- كيف حالك؟
- الحمدلله عايش!
- وش جديدك؟
- أبد على حطة يدك في هالدنيا.
- طيب، وبكرة….
- يا رجال حنا عيال اليوم وبكرة يجي برزقه معه…

صحيح الأرزاق والأعمار والأقدار كلها بيد الله سبحانه، مع ذلك لا ينبغي أن تكون حياتنا (=0)، لأن أمتنا تنتظر منا أن نشمر عن ساعد الجد، إنها بحاجه إلى كل فرد منا؛ مهما كان تخصصه ومهما كانت إمكانياته.
الله جل جلاله لم يخلقنا عبث لنكون على هامش الحياة!